فصل: (سورة سبأ: الآيات 46- 48):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة سبأ: الآيات 44- 45]:

{وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (45)}.
{وَما} الواو عاطفة وما نافية {آتَيْناهُمْ} ماض وفاعله ومفعوله والجملة معطوفة {مِنْ كُتُبٍ} كتب اسم مجرور لفظا في محل نصب المفعول الثاني لآتيناهم {يَدْرُسُونَها} مضارع وفاعل ومفعوله والجملة صفة لكتب {وَما أَرْسَلْنا} الجملة معطوفة {إِلَيْهِمْ} متعلقان بأرسلنا {قَبْلَكَ} ظرف زمان والكاف مضاف إليه مِنْ حرف جر زائد {نَذِيرٍ} اسم مجرور لفظا منصوب محلا مفعول به ثان لأرسلنا {وَكَذَّبَ الَّذِينَ} الواو عاطفة وماض واسم الموصول فاعله والجملة معطوفة {مِنْ قَبْلِهِمْ} متعلقان بمحذوف صلة الموصول {وَما} الواو حالية وما نافية {بَلَغُوا مِعْشارَ} ماض والواو فاعله ومعشار مفعول به ما موصولية مضاف إليه {آتَيْناهُمْ} ماض وفاعله ومفعوله والجملة صلة {فَكَذَّبُوا} ماض وفاعله {رُسُلِي} مفعول به والياء مضاف إليه والجملة معطوفة {فَكَيْفَ} الفاء عاطفة وكيف استفهام في محل خبر مقدم لكان {كانَ} ماض ناقص {نَكِيرِ} اسم كان المرفوع والجملة معطوفة.

.[سورة سبأ: الآيات 46- 48]:

{قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (46) قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (48)}.
{قُلْ} الجملة مستأنفة {إِنَّما} كافة مكفوفة {أَعِظُكُمْ} مضارع مرفوع والكاف مفعوله وفاعله مستتر والجملة مقول القول {بِواحِدَةٍ} متعلقان بالفعل قبلهما أنْ حرف ناصب {تَقُومُوا} مضارع منصوب بحذف النون والواو فاعل وأن وما بعدها في تأويل المصدر في محل جر بدل من واحدة {لِلَّهِ} لفظ الجلالة مجرور باللام ومتعلقان بتقوموا {مَثْنى} حال منصوبة بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر {وَفُرادى} معطوف على مثنى {ثُمَّ} عاطفة {تَتَفَكَّرُوا} مضارع معطوف على تقوموا وهو منصوب مثله بحذف النون والواو فاعله ما نافية {بِصاحِبِكُمْ} متعلقان بخبر محذوف مقدم وجنة مبتدأ له مِنْ حرف حر زائد {جِنَّةٍ} اسم مجرور لفظا مرفوع محلا مبتدأ مؤخر والجنة هي الجنون والجملة مستأنفة أنْ نافية {هُوَ} ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ {إِلَّا} أداة حصر {نَذِيرٌ} خبر هو {لَكُمْ} متعلقان بالخبر {بَيْنَ} ظرف مكان متعلق بمحذوف حال {يَدَيْ} مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة {عَذابٍ} مضاف إليه {شَدِيدٍ} صفة لعذاب. {قُلْ} الجملة مستأنفة ما اسم شرط جازم في محل نصب ومفعول به ثان لسألتكم {سَأَلْتُكُمْ} ماض وفاعله والكاف مفعوله {مِنْ أَجْرٍ} متعلقان بمحذوف حال {فَهُوَ لَكُمْ} الفاء رابطة ومبتدأ ولكم متعلقان بالخبر المقدر المحذوف والجملة في محل جزم جواب الشرط {إِنْ أَجْرِيَ} إن نافية أجري مبتدأ والياء مضاف إليه {إِلَّا} أداة حصر {عَلَى اللَّهِ} متعلقان بخبر محذوف {وَهُوَ} مبتدأ {عَلى كُلِّ} متعلقان بشهيد {شيء} مضاف إليه والجملة مقول القول {شَهِيدٌ} خبر. {قُلْ} الجملة مستأنفة {إِنَّ رَبِّي} إن واسمها والياء مضاف إليه {يَقْذِفُ} مضارع فاعله مستتر والجملة خبر {بِالْحَقِّ} متعلقان بيقذف {عَلَّامُ} خبر ثان لإن {الْغُيُوبِ} مضاف إليه.

.[سورة سبأ: الآيات 49- 51]:

{قُلْ جاء الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (49) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (50) وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (51)}.
{قُلْ} أمر فاعله مستتر والجملة مستأنفة {جاء الْحَقُّ} ماض وفاعله والجملة مقول القول {وَما} الواو عاطفة وما نافية {يُبْدِئُ الْباطِلُ} مضارع وفاعله والجملة معطوفة {وَما يُعِيدُ} إعرابه مثل إعراب ما سبقه {قُلْ} الجملة مستأنفة أنْ حرف شرط جازم يجزم فعلين والجملة مقول القول {ضَلَلْتُ} ماض والتاء فاعله وجملة فعل الشرط ابتدائية {فَإِنَّما} الفاء رابطة لجواب الشرط وإنما كافة ومكفوفة {أَضِلُّ} مضارع فاعله مستتر والجملة في محل جزم جواب الشرط {عَلى نَفْسِي} متعلقان بأضل {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ} معطوف على إن ضللت {فَبِما} الفاء رابطة لجواب الشرط والياء حرف جر وما موصولية ومتعلقان بيوحى {يُوحِي} مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والجملة صلة {إِلَيَّ} متعلقان بيوحي {رَبِّي} فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم والياء مضاف إليه {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} إن والهاء اسمها وسميع قريب خبراها والجملة مستأنفة {وَلَوْ} الواو عاطفة ولو حرف شرط غير جازم {تَرى} مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر وفاعله مستتر إذ ظرف زمان {فَزِعُوا} ماض والواو فاعل والجملة في محل جر مضاف إليه {فَلا} الفاء استئنافية ولا نافية للجنس {فَوْتَ} اسم لا النافية للجنس مبني على الفتح وخبرها محذوف {وَأُخِذُوا} الواو عاطفة وماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة معطوفة {مِنْ مَكانٍ} متعلقان بأخذوا {قَرِيبٍ} صفة لمكان.

.[سورة سبأ: الآيات 52- 54]:

{وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54)}.
{وَقالُوا} الجملة مستأنفة {آمَنَّا} ماض وفاعله والجملة مقول القول {بِهِ} متعلقان بالفعل قبلهما {وَأَنَّى} الواو واو الحال وأنى اسم استفهام في محل رفع خبر مقدم {لَهُمُ} متعلقان بمحذوف حال {التَّناوُشُ} مبتدأ مؤخر والتناوش هو تناول الإيمان يوم القيامة {مِنْ مَكانٍ} متعلقان بالتناوش {بَعِيدٍ} صفة لمكان {وَقَدْ} الواو واو الحال وقد حرف تحقيق {كَفَرُوا} ماض وفاعله والجملة في محل نصب على الحال {بِهِ} متعلقان بالفعل قبلهما {مِنْ قَبْلُ} متعلقان بحال محذوفة {وَيَقْذِفُونَ} الواو عاطفة ومضارع والواو فاعل والجملة معطوفة {بِالْغَيْبِ} متعلقان بيقذفون {مِنْ مَكانٍ} متعلقان بيقذفون {بَعِيدٍ} صفة لمكان {وَحِيلَ} الواو عاطفة وماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر {بَيْنَهُمْ} ظرف مكان والهاء مضاف إليه {وَبَيْنَ} معطوف على ما قبله ما اسم موصول في محل جر بالإضافة {يَشْتَهُونَ} مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله والجملة صلة لا محل لها {كَما} الكاف صفة لمفعول مطلق محذوف وما موصولية {فُعِلَ} ماض مبني للمجهول وفاعله مستتر والجملة صلة {بِأَشْياعِهِمْ} متعلقان بالفعل قبلهما والهاء مضاف إليه {مِنْ قَبْلُ} متعلقان بمحذوف حال {إِنَّهُمْ} إن والهاء في محل نصب اسمها والجملة تعليلية {كانُوا} كان والواو في محل رفع اسمها والجملة خبر إن {فِي شَكٍّ} متعلقان بمحذوف خبر لكانوا {مُرِيبٍ} صفة لشك. اهـ.

.فصل في تخريج الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

قال الزيلعي:
سورة سبأ ذكر فِيهَا أَرْبَعَة أَحَادِيث:
1045- قَوْله:
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه سمع رجلا يَقُول اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من الْقَلِيل فَقَالَ عمر مَا هَذَا الدُّعَاء إِنِّي سَمِعت الله يَقُول: {وَقَلِيل من عبَادي الشكُور} فَأَنا أَدْعُوهُ أَن يَجْعَلنِي من ذَلِك الْقَلِيل فَقَالَ عمر كل النَّاس أعلم من عمر.
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الدُّعَاء ثَنَا يزِيد بن هَارُون عَن الْعَوام عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ قَالَ قَالَ رجل عِنْد عمر اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من الْقَلِيل... إِلَى آخِره.
وَرَوَاهُ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي كتاب الزّهْد لِأَبِيهِ فَقَالَ ثَنَا مُحَمَّد ابْن عبَادَة ثَنَا سُفْيَان عَن مسعر قَالَ سمع عمر... إِلَى آخِره.
1046- الحَدِيث الأول:
عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَإِذا أذن لمن أذن أَن يشفع فزعته الشَّفَاعَة».
قلت غَرِيب وَالتَّفْزِيع هُوَ إِزَالَة الْفَزع.
1047- الحَدِيث الثَّانِي:
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «بعثت فِي نسم السَّاعَة» قلت رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَقد تقدم فِي سُورَة الْأَنْبِيَاء.
1048- الحَدِيث الثَّالِث:
عَن ابْن مَسْعُود دخل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحول الْكَعْبَة ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ صنما فَجعل يطعنها بِعُود وَيَقُول «جَاء الْحق وزهق الْبَاطِل أَن الْبَاطِل كَانَ زهوقا وَمَا يُبْدِي وَمَا يُعِيد».
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي الْمَغَازِي من حَدِيث أبي معمر عبد الله بن سَخْبَرَة عَن ابْن مَسْعُود دخل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... إِلَى آخِره وَفِي لفظ يَوْم الْفَتْح.
1049- الحَدِيث الرَّابِع:
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «من قَرَأَ سُورَة سبأ لم يبْق رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا كَانَ لَهُ يَوْم الْقِيَامَة رَفِيقًا ومصافحا».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث سَلام بن سليم ثَنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب مَرْفُوعا فَذكره.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ الأول فِي آل عمرَان.
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدّم فِي يُونُس. اهـ.

.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

.قال إلكيا هراسي:

سورة سبأ:
قوله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا} الآية 13.
قال عليه الصلاة والسلام: «ثلاث من أوتيهن فقد أوتي مثل ما أوتي أهل داود، قيل: وما هن يا رسول اللّه قال: العدل في الغضب والرضا، والقصد في الغنا والفقر، وخشية اللّه في السر والعلانية».
قوله تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاء مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ} الآية 13.
يدل على جواز اتخاذ الصور في ذلك، وأنه نسخ في ديننا. اهـ.

.قال السايس:

من سورة سبأ:
قال اللّه تعالى في قصة سليمان عليه السلام: {يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاء مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (13)}.
هذا شيء من قصة نبي اللّه سليمان عليه السلام المذكورة في هذه السورة، ولتعلم سياق الحديث فيها نذكر لك ما قبل هذه الآية. قال اللّه تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحًا إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ (12)} [سبأ: 10- 12].
فضمير {يَعْمَلُونَ} عائد على الجن، وضمير له يعود على سليمان. فكما سخّر اللّه لسليمان الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، وسخّرها عاصفة تجري إلى مسافات بعيدة، سخّر له الجن، وجعلهم طوع أمره، ورهن مشيئته، يعملون صنوفا مما يشاء من أصناف يتعذّر عملها على البشر في ذلك الوقت، وبالسرعة التي يعملها بها الجن، ومن هذه الأشياء المحاريب: وهي جمع محراب، وهي القصور الشامخات، أو البيوت المرتفعة، أو أماكن العبادة، وقد ذكر اللّه المحراب في القرآن في مواضع في سورة آل عمران {وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقًا} [آل عمران: 37] {فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ} [آل عمران: 39] وفي سورة ص {وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (21)} [ص: 21].
ويقول الذين يفسرون المحراب بالقصر: إنه سمّي بذلك لأنه يحارب من أجله.
وقد يبدو من قوله تعالى: {يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ} أنّه المكان المعدّ للصلاة. وأما المحاريب المعروفة الآن بما يدخل في الحائط على سمت القبلة ليتبيّن الناس منها جهة القبلة. فيقول المفسرون: إنها شيء لم يكن قد عرف في الصدر الأول.
غير أنّه قد يرجّح كون المحاريب بمعنى القصور الشامخات أنها ذكرت على أنها مما كان يعمله الجنّ لسليمان، وقد يكون عمل القصور مما يستعصي على الناس في ذلك الزمن، لجهلهم بفن العمارة. والتماثيل جمع تمثال بكسر التاء، وهو بوزن تفعال، ولم يرد هذا الوزن في القرآن إلا في لفظين تلقاء وتبيان.
وتمثال الشيء مثاله وصورته أيا كان المثال والصورة، ذات جسم أو ليست ذات جسم، فمثال الشيء ما يماثله ويحكيه.
والجفان جمع جفنة: إناء يوضع فيه الطعام، وقيل: إناء عظيم.
والجواب أصله الجوابي جمع جابية، وهي الحوض العظيم. والقدور جمع قدر، وهو ما يطبخ فيه الطعام، وراسيات: ثابتات، إشارة إلى أنها قدور عظيمة لا تنقل من مكانها من ثقلها.
وقوله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا} إمّا جملة مستأنفة بتقدير القول، أي قلنا: اعملوا يا آل داود شكرا، أو حالية من فاعل {سخّرنا} أي سخّرنا قائلين اعملوا، و {شكرا} مصدر وقع موقع الحال، أي اعملوا شاكرين، وقيل: هو مفعول لأجله، وقيل غير ذلك.
والشكور هو الذي يشكر في جميع أحواله من الخير والضر، قيل: هو المتوفّر على أداء الشكر ما وسعه بقلبه ولسانه لا يني.
هذا وقد جاء ذكر سليمان في القرآن الكريم ست عشرة مرة في ست من سوره: في البقرة، وفي النساء وفي الأنعام، وفي الأنبياء، وفي النمل، وفي سبأ، وفي ص.
ولم يجئ هذا الذكر لتوفية قصة بتمامها أو قصص، وإنما هو تعداد لآلاء اللّه على سليمان:
منها ذكاؤه وبصره النافذ في القضاء والحكم {وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ} [الأنبياء: 78].
ومنها تعليمه منطق الطير {وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النمل: 16]. ومنها تسخير الرياح له، تجري بأمره رخاء حيث أصاب.
ومنها إسالة عين القطر وهو النحاس المذاب، والقرآن في هذا يحدّث عن عملية صهر المعادن.
ومنها تسخير الجن، وقد جاء الكلام عن تسخير الجن في القرآن الكريم بالآية التي معنا، وفي قوله: {وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ (37)} [ص: 37]. وفي قوله: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ [النمل 17]} وقد صرّح القرآن الكريم في الآية التي معنا بأنّهم كانوا يعملون بين يديه بإذن ربه، لا يستطيعون أن يحيدوا عن ذلك {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ} ثم تحدّث عما كانوا يعملون فقال: {يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاء مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ} إلخ.